حكاية الولد ذو الإصبع الذّهبي
أحسّ الطفل بالجوع ،فبدأ بالبكاء ،وصادف أن كانت كلبة تمرّ من ذلك المكان فأخرجته من الحفرة، وحملته بين أسنانها حتّى وصلت به إلى نهر كبير فرآها صياد يمرّ بزورقه، فصاح بها لتتركه ،فرمته على الأرض وهربت ، أمّا الصّياد فجرى للطفل، وحين رأى أنّه حيّ حمد الله على سلامته ،وضمّد إصبعه المقطوع بخرقة ،ودار هنا وهناك عسى أن يرى أحدا من أهله ،لكن لا أثر لمخلوق ،وفي الأخير حمله معه إلى داره ،ولمّا رأته زوجته فرحت أشدّ الفرح ،وقالت في نفسها :كم أنت كريم يا ربّ !!!عوّضتني عن الأبناء الذين لم أرزق بهم .وإعتنى الصّياد وإمرأته بالطفل وأرسلاه للكتّاب فحفظ القرآن ،وتعلّم القراءة والكتابة ،وكان صيّادا ماهرا يحسن الرّماية بالبنادق ،وكلّ من يراه يعجب به لجمال وجهه ،وحسن أخلاقه .
وكان الصّبيان يغارون منه ،فقد كان يتفوّق عليهم في كلّ الألعاب ،ولمّا يتعاركون معه يهزمهم ،وفي أحد الأيّام ،غضبت منه أحد الجارات لأنّه ضرب إبنها رغم كونه أكبر سنّا منه ،فجاءت إليه ،وقالت له :إبحث عن أهلك الذين ألقوا بك في الشّارع ،فليس لك ما تفعله هنا !!! تألّم الولد من هذه الكلمة وحين سأل الصّياد قال له: لا تعبأ بكلامها ،فأنت أحسن الأولاد في هذه القرية ،وكلهم يحسدونني عليك ،كبر الولد لكنه كان يسمع دائما نفس الشيئ وذات يوم أتى للصّياد وإمأته ،وهم جالسين ،وقد ظهر الشّيب في رأسيهما ،وقال: تعلمان مقدار حبّي لكما ،لكنّي أرجوكم ،أريد أن أعرف الحقيقة ،ربّما لي أهل في مكان ما يشتهون رؤيتي ،ويتعذّبون لفقداني ،وأنتما رأيتماني أكبر بينكم ،وقرّت عينيكما بي ،أمّا هم فلم يكن لهما ذلك الحظ !!!
نظر الصّياد إلى إمرأته ،وقال له: ما سمعته صحيح ،فقد أتت بك كلبة ورمت بك أمامي وربّما تكون قد إختطفتك ،لكن لم أهتد إلى أهلك، وكنت جائعا ،وفي أسوأ حالة ،وعجّلت بحملك عندي ،وأطعمتك ورعيتك حتى دبّت فيك الحياة ،ونفخت فيك الرّوح من جديد ،فإن وجدت أهلك فعش معهم حتى يفرحوا ،فإنّي أعلم أنّ فقدان أحد من الأحبّة ليس سهلا ،والله فقط يعلم ما عانوه أيام غيابك، لكن لا تنس أن تأتينا دائما !!! فبكى الفتى ،وقال :لو شاء الله سنكون جيرانا ،فأنا لا أطيق فراقكما ،ثم أرشده الصّياد أين وجده ،وجهّز له زادا وقربة ماء ،وسار حتى وصل إلى المكان الذي رمته فيه الكلبة لمّا كان صغيرا ،وبدأ يبحث فوجد عدّة قرى قريبة من ذلك المكان ،وبدأ يسأل الشّيوخ عن طفل إختفى منذ خمسة عشر عاما ،فلم يجبه أحد ،وبقي أياّما وهو يدور ويسأل،وفي الليل يجيئ تحت جذع شجرة وينام .
لتكملة القصة اضغط على الرقم 4 في السطر التالي 👇