حكاية غزلان الليل
،ورغم أن الشّعب دفع من قوته إلا أنّه كان مبتهجا، ودعا للسّلطان بطول العمر ،وفي المساء جاءه الوزير وقال له: هل رأيت مشورتي عليك ،فلقد إسترجعت مالك وزيادة، وربحت الرعية إلى صفك ،أرجوا أن تكون قد تعلمت الدّرس يا مولاي ،أجابه : هذا صحيح ،فلقد تعلمت الكثير ،ولهذا السّبب أنا مصرّ أكثر من أيّ وقت مضى على معاقبتهم ،فأنا ليس من عادتي أن يساومني أحد ،وخصوصا لثّلاثة محتالين ،وكيف أضمن أنّهم لن يحرّضوا ضدّي العامّة إن لم يعجبهم ما أدفع لهم !!!
قال الوزير :انصحك مرّة ثانية أن لا تسيئ تقدير قوّتهم ،لكنّ السّلطان أصرّ على رأيه ،وأبلغ أحد الجنود الإمام بما يخطّط له ،السّلطان ،وبعد صلاة الجمعة حمد الله ،وأثنى عليه، ثم قال اإنّ إبليس زيّن لمولاكم أخذ الأموال التي دفعتموها من أقوات صغاركم لترميم اسوار المدينة ،وصرفها على قصره ،والعدو متربص بكم، فثورا ،وعّينوا الوزير مكانه!!! وكان القاضي والشرطي يحرّضان العامّة في الشّوارع ،فانتشرت نيران الثّورة إلى كلّ المدينة ،وحاصر الشّعب القصر، وانحاز الجيش للوزير، وقبضوا على السّلطان وفي الغد إجتمع الناس لمحاكمته في الساحة العامة، فقال : أريد محاكمة عادلة !!!
فجيئ له بالقاضي الذي سرق الذّهب ،ولما رآه أيقن بالهلاك ،ثمّ قال: أريد من يدافع عني ،وإلا فالمحكمة باطلة ،فأتوه بكلب ألبسوه عمامة، وقالوا له : هذا هو الدّفاع ،والآن ستبدأ المحاكمة !!! سأله القاضي :ماذا فعلت بالمال؟ لم يجب السّلطان ،أمّا الكلب فأطلق عواءا طويلا ،ثمّ جاء البنّائون، فقالوا أنّهم زيّنوا القصر ،ووسّعوا الحديقة ،ولم يلمسوا الأسوار ،فصاح الناّس :الموت لك أيّها السّارق ،أقتلوا ها المحتال ،فهمس القاضي في أذن السّلطان سأرد لك المعروف ولن أقتلك ،لكنك لا تصلح للحكم، وسنعيّن الوزير مكانك ،فنحن نعرف كيف نتفاهم معه، وهذا حال الممالك منذ قديم الزمان ،نأكل مع الكبار ،وهم يستمرّون في الحكم .
…
إنتهى ،أتمنى أن تكون الحكاية قد أعجبتكم