مضى على غيابه عن زوجته التى تركها حاملاً ثلاثون عاماً غابها فى الجهاد مع الجيوش الإسلامية المتوجهة لفتح بخارى وسمرقند وما جاورهما وقد ترك لزوجته مبلغاً كبيرا من المال
فقالت لقد وضعته حيث يجب أن يوضع وسأخرجه لك بعد أيام قليلة إن شاء الله، وقطع صوت المؤذن عليهما الحديث، فهب فروخ إلى إبريقه وتوضأ ثم مضى مسرعاً نحو الباب وهو يقول أين ربيعة؟ فقالوا سبقك إلى المسجد ، فذهب فروخ إلى المسجد فأدى المكتوبة وصلى ما شاء أن يصلى ولما هم بمغادرة المسجد وجد باحته قد غُصت
على رحبها بمجلس من مجالس العلم لم يشهد له نظيراً من قبل ورأى الناس قد تحلقوا حول شيخ المجلس حلقة إثر حلقة حتى لم يتركوا فى الساحة موطئاً لقدم وأجال بصره فى الناس فإذا فيهم شيوخ معممون ورجال تدل هيئاتهم على أنهم لهم منزلة وشأن وشبان كثيرون قد جثوا على ركبهم وأخذوا أقلامهم بأيديهم وجعلوا يلتقطون ما يقوله الشيخ كما تُلتقط الدرر
ويحفظونه فى دفاترهم وكان الناس متجهين بأبصارهم إلى حيث يجلس الشيخ منصتين إلى كل ما يلفظ من قول حتى لكأن على رؤوسهم الطير وكان المبلغون ينقلون ما يقوله الشيخ فقرة فقرة فلا يفوت أحدا شئ من كلامه مهما كان بعيدا وحاول فروخ أن يتبين صورة الشيخ فلم يُفلح لموقعه منه وبعده عنه، لقد راعه منه بيانه المشرق وعلمه المتدفق و
ح
افظته العجيبة وأدهشه خضوع الناس بين يديه وما هو إلا قليل حتى ختم الشيخ مجلسه ونهض واقفاً فهب الناس متجهين نحوه وتزاحموا عليه وأحاطوا به واندفعوا وراءه يودعونه إلى خارج المسجد، وهنا التفت فروخ إلى رجل كان يجلس بجانبه وقال قل لى بربك من الشيخ؟! فقال الرجل باستغراب أو لست من اهل المدينة؟
لتكملة القصة اضغط على الرقم 5 في السطر التالي